تقرير المحاضرة الافتتاحية لليوم الثاني للندوة الدولية: تدريس العلوم الشرعية بالتعليم العالي مقاربات معرفية وتربوية .
تقرير المحاضرة الافتتاحية لليوم الثاني تحت عنوان:
أسس تدريس العلوم الشرعية بالتعليم الجامعي
إعداد : ذ. عبد الله اصبيحي
انطلقت أشغال الجلسة الثانية للندوة الدولية الموسومة ب: تدريس العلوم الشرعية بالتعليم العالي مقاربات معرفية وتربوية يوم السبت 6 شعبان 1442هـ الموافق 20 مارس 2021م على الساعة 10.11 دقيقة صباحا- بتوقيت المغرب- استهلت أعمالها بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم بصوت القارئ: المصطفى الزهراني، وبعد ذلك ألقى الدكتور ربيع حمو – حفظه الله تعالى- كلمة ترحيبية بجميع المشاركين في هذه الندوة الدولية، شاكرا الجهات الراعية لهذه الندوة ممثلة بالمركز الدولي للأبحاث والدراسات التربوية والعلمية، ومختبر القيم والمجتمع والتنمية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة ابن زهر- وبتعاون مع المعهد العالمي للفكر الإسلامي ومركز ضياء للمؤتمرات والأبحاث، وبَيَّن أن هذه الفعالية العلمية جاءت بعد صدور أشغالها في كتاب جماعي تحت عنوان هذه الندوة، ثم دعا فضيلة الدكتور سعيد حليم لإلقاء محاضرته الافتتاحية لليوم الثاني تحت عنوان: أسس تدريس العلوم الشرعية بالتعليم العالي، بعدما بين مكانة الدكتور المحاضر العلمية والمعرفية والتربوية، واهتمامه الخاص بتطوير تدريس العلوم الشرعية وبأنه من الرجال الذين دشنوا النقاش العلمي في هذا المجال منذ مدة طويلة، وسعى إلى تأسيس ماستر متخصص في تدريس العلوم الشرعية …
وهكذا بدأ الدكتور سعيد حليم محاضرته بتوجيه الشكر للجهات الساهرة والمنظمة لهذه الندوة المباركة، وموضحا أهمية الحديث في هذا الموضوع؛ لأنه موضوع أنف، له أثر يسري إيجابا على الأساتذة والطلبة والمنظومة التعليمية بشكل عام، وأشار – حفظه الله تعالى- إلى اهتمامه المبكر بهذا الموضوع وأنه شرع في التحضير لكتاب في هذا الموضوع منذ سنوات، وأنه ركز فيه على ضرورة الرجوع بالتراث للتأصيل وضرورة الاستفادة من النظريات الحديثة، والانطلاق من واقع تدريس العلوم الشرعية بالجامعة …
وحدد الدكتور سعيد حليم ثمانية أسس ينبغي الاعتماد عليها والاهتمام بها في تدريس العلوم الشرعية بالتعليم الجامعي وهي 1- الأساس العقدي 2- الأساس الأخلاقي 3- الأساس المعرفي 4- الأساس المنهجي 5- الأساس التربوي 6- الأساس التدريسي 7- الأساس السيكولوجي 8- الأساس الاجتماعي
ثم بدأ في تفصيل وبيان هذه الأسس وأولها الأساس العقدي والذي قال بأنه ينبغي أن يُستحضر في تدريس العلوم الشرعية في الجامعة؛ لما له من ارتباط وثيق بكل العلوم الشرعية، وعنه تتفرع كلها، وهو السبيل لتعظيم الطلبة لما هم فيه من طلب، وتحقيق التعبد والإخلاص لله تعالى، فيجب التركيز على هذا الأساس مع إعادة النظر في طريقة تدريسه فقد أصبحت كثير من الجامعات تدرس تاريخ العقيدة لا العقيدة. فينبغي أن يكون الدرس العقدي عاملا لتقليل الخلاف، بدل تكثيره، ويجمع العلوم الشرعية بخيط ناظم.
أما الأساس الأخلاقي فهو الأساس العظيم الذي اهتم به الشارع الحكيم أيما اهتمام، وجعله أحد وظائف الرسل والعلماء والدعاة وهذه الوظائف هي : التزكية وتعليم الكتاب وتعليم الحكمة، فالواجب أن تكون كل العلوم الشرعية خادمة لهذا الأساس ومنطلقة منه، وعاب – حفظه الله – الطريقة التي تدرس بها العلوم الشرعية؛ فقد تم تجريدها من روحها، مشيرا إلى أن كثيرا من كتب الفقه والعقيدة كتبت بلغة جافة لا تزكي أخلاقا ولا تصلح أفرادا…
ثم انتقل – حفظه الله تعالى- إلى الأساس المعرفي وقال: بأن المقصود به هو: مراعاة البنية المعرفية لكل علم عند تدريسه، سواء مراعاة تعريفه ومراعاة مسائله ووظائفه، وخصائص نسقه المصطلحي، وخصائص مصادره، واحترام حدود العلوم، ولابد على المدرس أن يقدم مسائل العلوم في نسق علمي متكامل، مع ضرورة تجديد طرق تدريس العلوم لتواكب التطور الإنساني.
أما الأساس المنهجي فهو منهج مازال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام والبحث، وهو غائب عن كثير من الجامعات، ويمكن تقسيم هذا الأساس إلى: مناهج التفكير ومناهج التأليف، فما أحوج المهتمين بالدراسات الجامعية إلى الاشتغال والبحث على مناهج التفكير، وإعادة النظر في المقررات الجامعية، والسعي إلى تأليف كتب جامعية تتوافق مع المعطيات الزمانية والمكانية…وأشار – حفظه الله- إلى أن غياب هذه المناهج في التدريس الجامعي سبب ضعفا باديا على الطلبة في مهارات التحليل والفهم والاستدلال والتعليل والمقارنة والنقد…
أما الأساس التربوي، فلم يفصل فيه كثيرا، وأكد على ضرورة الرجوع للقرآن الكريم والسنة المطهرة عندما نريد أن نؤصل للعلوم الشرعية..
أما الأساس التدريسي فهو أكبر المعضلات التدريسية، بسبب غيابه عن كثير من الأساتذة الجامعيين لدخولهم الجامعة بدون بداغوجية ودون تدريب وتكوين، بل إن بعضهم ينظر لعلم البداغوجية والمناهج والتكوين أنها علوم دخيلة غربية، والناظر في حياة العلماء القدامى يجدهم كانوا أفضل وأعمق نظرا في هذا المجال وقد ألفوا فيه، فيجب على المدرسين استحضار أهداف المادة ومقاصدها وتنظيم المادة الدراسية وعدم الجمود على الكتب المتقدمة، مع ضرورة تنويع طرق التقويم والتدريس، بدل الاعتماد دائما على الأسئلة التي لا تربي إلا مهارة الاسترجاع.
أما الأساس السيكولوجي فيتمثل في مراعاة صعوبة التعلم وزمان التعليم، وضرورة ترتيب المادة الدراسية وتنويع التقويم، واختيار طرق التدريس فمن الخطأ الذي يقع فيه كثير من الموجهين التدريس دون معرفة أنواع الفئات المستهدفة ، وعدم مراعاة الفروق بينهم.
وختم بالأساس الاجتماعي والذي ينبغي التركيز فيه على قضايا العصر خاصة في الدرس الفقهي، وذلك بتجديد الأمثلة واختيارها من الواقع المعاش، وعدم اجترار أمثلة الفقهاء القدامى التي كانت مرتبطة بزمانهم وواقعهم، فأكبر العجز هو عدم القدرة على إنتاج أمثلة تتناسب وواقعنا المعاصر.
وقد فتح المجال لمناقشة ماتعة للمشاركين والمشاركات لمضمون المحاضرة، وذلك ما أتاح فرصة متميزة لإثارة مجموعة من الإشكالات والقضايا. عقب عليها الدكتور حليم وتفاعل معها.