تقرير الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية: الأنظمة التربوية للتعليم العالي

0 137

في إطار الحرص على استمرارية البحث العلمي وفق منهجية علمية رصينة، وسعيا منه أن يكون مرجعا متخصصا في بلورة وتطوير النظريات التعليمية والعلمية، نظم المركز الدولي للأبحاث والدراسات التربوية والعلمية ندوة دولية حول موضوع:

 الأنظمة التربوية للتعليم العالي: شروط النجاح ومقوماته من خلال بعض النماذج المعاصرة

عبر تقنية التخاطب عن بعد ” زووم ” وذلك يومي السبت والأحد 13و 14نوفمبر2021، بحضور ثلة من المشاركين من أقطار متعددة، وبخلفية معرفية متنوعة.

   انطلقت الجلسة الافتتاحية لهذه الفعالية عشية يوم السبت 13نوفمبر2021 بكلمة للدكتور ربيع حمو بصفته مديرا للمركز المنظم، عبر فيها عن دعوة المركز الدولي للأبحاث والدراسات التربوية والعلمية إلى دعم التواصل العلمي والمعرفي وتبادل الأفكار والتجارب الناجعة بين الخبراء والمفكرين ذوي الاختصاص في مختلف المجالات التربوية، والعلمية من أجل الاسهام في تطوير الواقع التربوي والتعليمي، وبغية الارتقاء بالمنظومة التعليمية، وتحقيق مقومات الجودة الشاملة بالتعليم المدرسي بصفة عامة، وبالتعليم العالي بصفة خاصة، حيث اختصت هذه الندوة في البحث عن مقومات الجودة في أنظمة التعليم العالي من خلال دراسة بعض النماذج والاستراتيجيات المعاصرة. وذلك باعتبار أن الفضاء الجامعي هو الفضاء الأساسي والمركزي الذي منه ينطلق الإشعاع العلمي والمعرفي في مختلف المجالات التي تحقق التنمية الشاملة للأمم.

   وبعده أكد الدكتور عبد الحكيم حجوجي منسق هذه الندوة عن الدور الرائد للتعليم العالي، فهو الحاضنة التي يكمل من خلالها الطالب مسيرته لإنضاج فكره وصقل مهاراته العلمية والمهنية، وتقوية قدراته التواصلية ومكتسباته المعرفية وتنمية شخصيته المعنوية، كل ذلك لخدمة المجتمع  وقضاياه. كما أشاد الدكتور حجوجي بأهمية البحث العلمي والابتكار وتأثير ذلك على جودة التعليم العالي، وهو الأمر الذي دفع مؤسسات التعليم العالي إلى التنافس باعتماد جملة من الاستراتيجيات، سواء على مستوى التخطيط، أو التدبير أو التقويم، كل هذه القضايا وغيرها مما يرتبط بنجاح مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي يفرض تواصلا دوليا لذوي الاهتمام والعاملين في الميدان من أساتذة وطلبة وباحثين بغية الاستفادة من مختلف الأعمال والتوجيهات الرائدة.

     ومن تم فالندوة تسعى للوقوف من جهة على مقومات الشروط الكفيلة لنجاح مؤسسات التعليم العالي في أداء رسالتها، ومن جهة أخرى إلى عرض نماذج ناجحة في بعض الدول لتدبير مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي.

   بعد ذلك قدمت المحاضرة الافتتاحية الأولى والتي كان عنوانها:
” التكامل المعرفي وتحديات التعليم الجامعي المعاصر حول العلاقة بين البحث والمعرفة والتدريس”
قدمها فضيلة الدكتور أبو بكر محمد أحمد محمد إبراهيم، وهو أستاذ الدراسات الإسلامية والمناهج التربوية، والمنسق الأكاديمي لبرنامج البكالوريوس في الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، كما عمل في البحث والتدريس بكل من السودان وماليزيا، له إسهامات عدة في مجال التكامل المعرفي نذكر منها: “مفهوم التكامل المعرفي وعلاقته بحركة إسلامية المعرفة” و” والتكامل المعرفي وعلاقته بالإصلاح الفكري” و” مفهوم التكامل المعرفي و منهجيته قراءة في أطروحة الإمام الغزالي ووصلها بمشروع الإصلاح الفكري المعاصر”.

  استفتح الأستاذ محاضرته بمدخل تمهيدي حول الجامعات وإسهامها في تنمية المعرفة وإنتاجها، حيث أشاد بدور الجامعات ودورها في الاسهام المعرفي، لكن هذه المهام فقدت حيث حصر دور الجامعات في الوقت الراهن في مهام روتينية دون الاسهام العلمي والاضافة المعرفية.

 ولتجاوز ذلك لابد من معالجة الشروط النفسية والمجتمعية والحضارية، فالمعالجة تبدأ بالتحرر من مسلمات العجز عن الاجتهاد والإبداع، وعن الاستسلام لمقولات؛ حتمية التقليد والتبعية الفكرية، زد على ذلك غياب الشخصية الفكرية لدى بعض أساتذة الجامعات. مما يجسد افتقار الجامعات لقدراتها المفاهيمية والفكرية والأخلاقية والتنظيمية، في حين أن الإصلاح يبدأ بإدراك أهمية “رؤية فلسفية” واضحة كمدخل للتخطيط لعملية إصلاح شامل للمنظومة التعليمية.

  ثم انتقل الدكتور إلى الحديث عن التكامل المعرفي بوصفه مدخلا لإصلاح التعليم الجامعي، وذلك بتطوير مقاربات معرفية ومنهجية متفاعلة مع العصر وهمومه وطموحاته وتحدياته، من خلال التواصل الفكري الخلاق مع مدارس المعرفة حديثها وقديمها، سواء أكانت تلك المعرفة إسلامية موروثة أو معرفة أنتجتها خبرات إنسانية في فضاءات حضارية أخرى، فهي دعوة لتظافر الجهود قصد رؤية متكاملة شاملة وتأسيس علمي صحيح دون اغفال الجهود المتعلقة بسؤال النهضة، والمسألة الحضارية للأمة، مع تطرقه إلى الدعوة للاطلاع على ما تراكم من مؤلفات  في هذا المشروع حول موضوع التكامل المعرفي.

   وفي حديثه عن العلاقة بين البحث والمعرفة والتدريس فإننا نجد أن للجامعة هذه الوظيفة الثلاثية الأبعاد، والتي عرفتها الألفية الثالثة فيما يتعلق بالتحولات الكبرى بخصوص التدريس وقضايا الجودة، ثم تطرق للحديث عن الدرس الجامعي بالجامعات والتي هي من القضايا المعقدة، ففهم التخصص والإحاطة به والتمكن فيه، هي مقدمات التكامل المعرفي بالجامعات، والتي سماها باشتراطات الفاروقي، فهو يقول أنه لابد من معرفة نظرية العلم المعني، ولابد من الإلمام بتاريخ العلم المعني، وتحديد الاهتمامات المركزية للعلم المعني وموضوعاته وقضاياه، ثم لابد من تحرير القول في موقف الإسلام فيما يتصل بالبنود السابقة، ثم بعد ذلك التحليل الناقد لكل البنود السابقة، فالدرس المعرفي بالجامعة هي قضية معقدة.

   ثم تطرق للحديث عن التجربة الماليزية التي لها رؤية تتمثل في:

  • الأسلمة
  • التكامل المعرفي
  • العالمية
  • الجودة الشاملة

كما اعتمدت على إزدواجية اللغة والتخصص المزدوج، كما عمدت إلى توفير سوق العمل للطلاب… وفي الأخير خلص الأستاذ المحاضر إلى أن المشكل المطروح في إدارة مشروع التكامل المعرفي، هو أن الجامعات في العالم الإسلامي تعرف غياب الجانب التنظيري في مجالي التدريس والتمويل، وهذا ما يخلق لها تحديا يعترض المناهج الجامعية المقدمة من خلال التكامل المعرفي في أنظمة التعليم الجامعي، ومقتضيات الفعل التدريسي والبحث العلمي.

    يعدها انطلقت المحاضرة الثانية للجلسة الافتتاحية بعنوان:
” جامعة الألفية الثالثة وتحديات التغيير”
والتي ألقاها الدكتور هشام عطوش، وهو حاصل على دكتوراه في الاقتصاد وأستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إطار ورئيس مصلحة سابق بوزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، وله في موضوع الندوة كتاب” الجامعات المغربية في مفترق الطرق”.

بدأ الأستاذ المحاضر كلمته بطرح السؤالين: ماهي التحديات الملقاة على عاتق جامعة الألفية؟ وماهي محددات ومعالم التغيير المرتقب؟، وهو سؤال تطرحه جامعة الألفية الثالثة. ثم أكد على أن الجواب عن السؤالين يستوجب علينا أن نعرف تحديات جامعة الألفية الثالثة. ثم ذكر الأستاذ المحاضر أبرز الانتقادات الموجهة للجامعات العربية والتي أجملها في الآتي:

  • جامعات بأداء متباين داخل نفس البلد) عام-عام أو عام- خاص أو مؤسسة –مؤسسة أو وطني- دولي (أو بين البلدان.
  • ضعف المردوديتين الداخلية والخارجية .
  • ضعف الإنفاق على البحث.
  • ضعف المساهمة في تسريع عجلة التنمية.
  • تموقع متأخر في التصنيفات الدولية المعتبرة.
  • تفوق الأدمغة المهاجرة على قرنائهم…

ومن التحديات الرئيسة للجامعات العربية (الجامعات التقليدية) نجد ما يلي:

  • ضرورة ضمان التعليم من أجل التشغيلية دون إغفال التكوين للمجتمع
  • كسر الارتباط بين الكلفة والجودة بوجود مسافات جديدة مجانية معتمدة على تقنيات الإعلام والتواصل
  • تغيير البنيات التعليمية لتتلاءم مع متطلبات التعليم مدى الحياة
  • ضرورة مراعاة تصنيفات التقييم الدولية التي تؤثر على استقطاب الكفاءات
  • ضرورة تطوير شراكات بين الجامعات جهويا وقاريا ودوليا للتمكن من تطوير الابتكار المفتوح

وخلص الأستاذ المحاضر في المحور الأول إلى طرح خمس أشكال من الجامعات التي يمكن أن تتطور من خلال نماذج التعليم في المستقبل والمتمثلة في:

  • جامعة النخبة: الجامعة التقليدية العريقة ذات التكوين النظري بالأساس
  • جامعة الجماهير: مقاربات إلكترونية كلية أو جزئية
  • جامعة المحراب: التعليم التخصصي الحصري والشخصي
  • الجامعة المحلية: التدريب المهني لاحتياجات الاقتصاديات المحلية
  • جامعة التعلم مدى الحياة: المرونة العالية الخاضعة لمبادرات المتعلمين) انخراط الكتروني في مجموعات في وحدات تعليمية بمؤسسات مختلفة محلية أو عالمية للحصول على شهادة جامعية دون حضور رسمي بدوام في أي منها.

ثم انتقل للجواب عن السؤال المطروح سابقا من خلال المحور الثاني، وهو محددات ومعالم التغيير لجامعة الريادة في الألفية الثالثة، وتتمثل محددات المحيط العام الجامعي في:

  • التحولات المجتمعية العميقة في ظل العولمة بنزعات الخصوصية والهوية وطلب متزايد على الخدمات الاجتماعية.
  • التطور المتسارع لمجموعة من القطاعات العرضانية: المعلوماتية، الضبابية، والذكاء الصناعي، والرقمنة، والناتو تكنلوجيا، والبيو تكنولوجيا، والتكنولوجية النظيفة.
  • السباق المحموم الجيوستراتيجي بين مجموعة القوى للشد بزمام الريادة…

ومن الأمور المهمة في سياسة التغيير هذه، لابد من تداخل مجموعة من السياسيات التعليمية -التدريبية- البحثية المستقبلية، كما لا بد من ضرورة تطوير كفايات رئيسة لجيل الألفية، كالتواصل، وحل المشكلات، الإبداع، التعاون، ثقافة النقد البناء، الإصرار، الاستعداد للتكوين والتدريب المستمران حتى باللعب…كل هذا يحصل به إنتاج جامعة الغد التي تقوم على مجموعة من الكفايات العاطفية التي يجب تطويرها كالتحكم في الذات، والتحفيز، والقدرات الاجتماعية، الوعي الذاتي، ثم التعاطف.

  ثم ختم الأستاذ المحاضر بحديثه عن معالم اشتغال جامعة الألفية الثالثة والتي تتطلب:

  • الانفتاح مع الحفاظ على الهوية والخصوصية
  • برامج تعليمية- تدريبية-بحثية مرنة قابلة للتطوير
  • تعليم متنوع وشخصي خاصة في مجال المهارات والكفايات الناعمة
  • تحويل وتوطين التقانة والبحث المتزايد عن براءات الاختراع في إطار الابتكار المفتوح
  • تطوير المقاولاتية الجامعية
  • التركيز على المسؤولية المجتمعية للجامعة) ISO26000)
  • الاشتغال بالتدبير الرشيق تسهيلا للتفاعل ع المحيط العام…

والحمد لله رب العالمين
أسماء عابد الله

(Visited 136 times, 1 visits today)
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.